الشهر: ماي 2015

فلو تفكرنا لنَجَونا وأنجَينا ونُجِيّنا

‏اللهم نوّر قلبي بنور الإيمان يارحمان
وأرزقني جسماً روحانياً وقلباً سماوياً
ونفساً طاهرة ، وعيناً إليك بنورك ناظرة

قال سبحانه وتعالى : ” الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا
وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ ويَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَاخَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ”

فلو نظرنا بتمعن إلى تلك السماوات ، وإلى تلك الأجرام السماوية بديعة الصورة والبهاء ، وتفكرنا فيها لوجدناها كائنةً في ثلاثة أضرب ، فالضرب الأول : فهي تقوم بتدبير ماتحتها من عالمنا الأرضي ، بمشيئة الله وماتعطيه إياه من تسخين وتبريد ، وإضاءة وتلطيف وتكثيف وبث الحياة في كثير من الخلق ، كنور الشمس لنرى ، ودفئها لنحيا وتحيا المخلوقات ، وكبعض سائر العنايات الخفية التي تقوم بها باقي الأجرام السماوية للأرض ومن عليها من الكائنات الحية مختلفة الأوصاف والهيئات ، أما الضرب الثاني : كونها شفافة وناصعة وطاهرة منزهه عن الكدر وضروب الرجس ومتحركة بالإستدارة بعضها على مركزها وبعضها على مركز غيرها . أما الضرب الثالث : كونها تشاهد الموجود واجب الوجود ، مشاهدةً دائمة وتعرض عنه ، وتتشوق إليه وتدور عشقاً له ، وتسبحه بآلحانٍ بديعة الجمال وتتصرف بحكمة ، وتتسخر في إرادته جل جلاله ولا تتحرك إلا بمشيئته وفي قبضته دائمة الرحمةِ والرأفة . فلوا تفكرنا في هذه الضروب الثلاثة لتعلمنا منها وتشبهنا بها بحسب طاقتنا البشرية فنقول ، إن تشبهنا بالضرب الأول : الذي كان تدبيرها لعالمنا الأرضي ، فنكون في همةٍ للخير ومساعدة بعضنا البعض .، فنخدم بعضنا البعض ، فالغني يساعد الفقير والتام الخلقة يساعد ذوي الإحتياج ، وكنا كما قال رسول الله ” مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى ” ، وما أن نرى عائقاً في طريق إنسان أو حيوان أو نبات أو أرض قاحلة ، إلا وأزلناه لتستمر حياته ، مثلاً إن جاع حيوان أطعمناه واذا حُجب نور الشمس عن نبات أزلناه ، وإن رأينا أرض قاحلة لا يصلها الماء فتحنا لها مجرى وسبيل ، وإلى آخره من اعمال الخير اللي فيها حياة لجميع المخلوقات ، وقد كان أبا ذر عليه السلام من شدة إيمانه إذا لقي في طريقه ذراً ( النمل الصغير ) حمله ورفعه عن الطريق، تورعاً وخوفاً من أن تدوسها أقدامه أو أقدام غيره ، ولك في ذلك يا أخي الإنسان عبرة وإن فعلنا ذلك بتأيدٍ من الله فنكون حينها كما تلك الأجرام الشعشعانية ، المسخرة رحمةً لنا ولغيرنا . أما الضرب الثاني : كونها جميلة ، طاهرة ، شفافة ومنيرة ، فنقول بإذن الله تعالى فإن تشبهنا بهذه الصفة بحسب طاقتنا البشرية ، وإهتممنا بنظافتنا وطُهر أنفسنا من درن الذنوب ، وطُهر أجسادنا من الرجس والنجاسات ، وقد قال تعالى ” ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ” ثم تطيبنا بأجمل الروائح والأطياب ، ولبسنا تلك الملابس النظيفة ، الزاهية ناصعة البياض ثم نظرنا لمكان عيشنا فأزلنا عنه كل ما يشوبه وبدأنا بنتظيفه وترتيبه وتزيينه بأنواع الأحجار الكريمة ، والأشجار الخضراء فنعيش طاهرين في مكانٍ طاهر ، يكسونا الجمال ويكسوا أرضاً نسكنها ، فإن الله جميل يحب الجمال ، فإن فعلنا ذلك بمشيئة الله وتأييده ، كنا كما تلك الكواكب المنيرة الطاهرة . وأما الضرب الثالث : فكونها تشاهد الموجود واجب الوجود مشاهدةً دائمة ، وتدور عشقاً وشوقاً له ، وتتسخر في إرادته فنقول : تشبهنا بها يكون ، في التفكر في مخلوقاته ، وتسبيحه والتآمل ببديع صنعه ، والتشوق إليه ، والسعى للقرب منه ، وتسخير أجسادنا وأرواحنا ، لعبادته عشقاً لا خوفاً ورهبة ، فكما قال الشيخ الرئيس إبن سينا قدس الله روحه : ” وليعلم أن أفضل الحركات الصلاة “، فنتحرك شوقاً إليه وعشقاً بصلاتنا ، وقال : ” وأمثل السكنات الصيام ” فتارةً نتحرك عشقاً وهياماً ونشاط ، وتارةً نسكن خشوعاً وجوعاً وتأملا ، ثم نتمم باقي تلك الشرائع المحمدية التي كانت لنا سبيلٌ لنجاتنا ، بكل محبةٍ ولهفةً لثنائه علينا ، والدنو من موضعه الشريف الكريم بضع خطوات ، وإمتثالاً لعروتنا الوثقى من ولده صلوات الله عليهم آجمعين ، وبدون تملل أو تعب ، فنكون قد جعلناه سبحانه وتعالى في قلوبنا لا يغيب عنها طرفة عين ، وكانت أعمالنا خالصةً لوجهه الكريم الجميل وكنا كما تلك الكواكب الدرية ، فهذا ماكان من التشبة بتلك الأجرام السماوية الشفافة ، المنيرة الدائمة العشق والدوران ، المسخرة لتدبير هذا العالم السفلي ، الذي هو عالم الكون والفساد ، فإن قمنا بذلك عشنا في سلام وكان منا وإلينا السلام ، فنحضى بالحياة السرمدية ، في سعادةٍ محضه ندور عشقاً للموجود واجب الوجود ، ونرقص فرحاً على عزف موسيقارٍ حكيم فلا تخطر لذة أنغامة على قلب بشر ، ونتمايل فرحاً على صوت تسبيح الملائكة في عالم الملكوت الأعلى عالم القدس والروح والريحان ، فكما قال جلال الدين الرومي : “حباً بك أسير والرأس مرفوع ، رغبة فيك أمشي دون توقف، يقولون لي تدور حوله جهلة ! أدور على نفسي ” فإن تشبهنا بهذه الضروب الثلاثة كنا ملائكة أرضيين أعني ملائكةً بالقوة فلا يفصلنا عن عالم الملائكة السماويين إلا المنية والموت لنحيى من بعده ملائكة بالفعل ، وهذا ماتمنيت قوله علّني بنقل هذه الفكرة أساعد أحداً من إخواني وبنوا جلدتي ممن يسعون للكمال والحكمة ، والأخلاق الفاضلة والمنجية ،
والصلاة والسلام على محمد واله الأطهار صلاة سرمدية ، وسلامٌ بعدد كلمات الله التي لو أن مافي الأرض من شجرة أقلام ، والبحر يمده من بعده سبعة أبحر مانفدت إن الله عزيز حكيم ، فسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله .

أقحموك عنوةً يانجران

بسم الله الرحمن الرحيم

نجران أقحموك عنوةْ ، وسُلبت كلمتُك وأصبحت واجهةً
لرد الدين ، نجران صحَوتُ من غفلتي لما رأيت ماحل بك فلم تجد حبيباً يَفتح لك بابه ليقيك من المطر غير نفسِك وجوهرُك ودينُك ، نجران أصبحتَ في موقفٍ لا تحمد عقباه !، نجران قرأت مثلاً في كتاب كليلة ودمنة ، ورأيته شبيهاً لما نزل بك يانجران ، فكأنكَ نجوتَ من خوفِ فيلٍ هائجٍ إلى بئر فتدليت فيه ، وتعلقتَ بغصن ، فوقعت رجليك على شيء في طيء البئر ، فإذا بها حيّاتٌ قد أخرجن رؤسَهن من أحجارهن ، فنظرتَ لقعر البئر فإذا في قاعه تنينٌ فاتحٌ فاه ، منتظراً وقوعك ، فرفعتَ بصرك إلى الغصن الذي تعلقت به ، فإذا بجرذانٍ تقرضه دائبين فيه لا يَفُترون أبداً ، فبينما أنت في هذا الموقف تَنظر لأمرك كيف تَظفر بالنجاة ، فإذا بك تُبصر كُرةً من عسلِ نحل ، فذقتهُ وإنشغلتَ بحلاوته وألهتكَ لذتُه عن التفكير في شيءٍ من أمرك وإلتماس الخلاص لنفسك ، فالفيل الهائج كان تهمةَ الخيانة ، والحيّاتُ كانت المذهبية ، والتنين كان رداتِ فعل العدو ، وأما الغُصن الذي تعلقت به !. فكان يانجران ! فكان يانجران ولايتكَ ودينك وقِبلتكَ ونهجُ أبائك في طُهر القلوب وقو العقيدةِ والرجوع للمثل الأعلى وقائدنا ، وأما الجرذان فكانوا من يطبلون لك بالشجاعة والموتِ بلا عقلٍ وسبب ، وكان العسلُ زجُّ إسمِك وتَسطيره ليدخل التاريخ من أوسع أبوابه ، فحينما يُقال بعد مئات ومئات ومئات السنين : نجران أحرق المساجد وقتلَ الأبرياء والأطفال والأضرحة في سبيل الثأر لبنيانٍ مرصوص ، فآهٍ ثم آهٍ يانجران فما أصبرك على البلاء والمحن والظلم والشقاء ، ولكني مُتيقنٌ تماماً ، بأن الله ناصِرُك ما إن نَظرتَ لأمر الجُرذان أولاً ثم تمسكتَ بغصنِك بكلتا اليدين ، وصمتَّ وعلمتَ بأن الحكمةَ مِفتاح كُل نجاةٍ ونصرٍ بإذن الله تعالى فعليك السلام يانجران فأنت ومنك السلام يادار السلام فإطلب السلام يانجران ، فأنت قدوةٌ لأهل الأرض والسماء في السلم والبهاء ، فكم كنت قوياً وسمحتْ ، وكم كنت منتصراً وإنسحبتْ ، وكم كُنت مظلوماً وصمتّ ، وكم كنت معذباً فقفزت في النار بكل فخرٍ وشجاعة ورضيت بما يمليه عليك قلبك حينما علمت بأن الموت هو في سبيل دينك ، فالأرض تُزرع ، والبنيان تُعمر ، والفقر ينجلي والظلم ينعمي ، والدين ينقضي ، لكن الأرواح غالية ، ولك في سالف الوقت والزمان ، عبرة فأقرأ التاريخ لتعلم بأن أولياء الله لم يلقوا بأنفسِهم وأهلهم إلى التهلكة ، وهذا ما أحببت أن أحدثكَ به يانجران فأنت قبلتي وقدسيتي تكمن في إسمكَ ورسمكُ وصوتكَ وجسمكْ ، والصلاة والسلام على محمدٍ واله الطيبين الطاهرين وعلى الائمة من أولاده الغر المحجلين نسل النبوة الهداة الراشدين ، عروتنا الوثقى وسفينتنا الكبرى ، التي ستنجينا من بحر الظلال والظلام ، وحفظ الله دعاتهم دعاة ال محمدٍ وسدد خُطاهم وثبتنا وإياك يانجران على طاعتهم وإلتماس رضاهم وآرائهم ، والمثول لأمرهم والحرص على نصحهم والإتقاء من حر الشموس الحارقة تحت جُنحانهم

بنج